mardi 1 septembre 2009

رد على مذكرة "الحافي" مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين ـ الدار البيضاء الكبرى:

رد على مذكرة "الحافي" مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين ـ الدار البيضاء الكبرى:
على اثر البيانات التنديدية بالتفكير في بيع المؤسسات التعليمية العمومية، وعلى المقالات الصحفية التي كشفت عن المؤامرة، أسرع مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الدار البيضاء الكبرى نصر الدين الحافي إلى إصدار مذكرة سماها: "توضيحات حول مقالات صحفية" بتاريخ 1 نونبر2007.
ونظرا لما تمثله هذه الوثيقة من أهمية حول الكشف عن مبررات الإقدام على هذه المؤامرة، نتوخى الرد عليها اقتناعا منا بأنها تتضمن أضاليل عدة من خلال التلاعب بلغة الأرقام وتستهدف إقناع الرأي العام بأن هناك دواع معقولة لوضع هاته المؤسسات في سوق النخاسة.
إن هدف "السيد المدير" واضح وجلي حتى في المذكرة التوضيحية لأن أمر الإعداد للبيع جاري على قدم وساق. هكذا يعلن في ختام المذكرة:
"(…) إن أصبنا الهدف فلنا أجران ولكن من المؤكد أننا لن ننعم حتى بأجر واحد اذا نحن حولنا هذه المدارس المغلقة إلى أصنام من الحديد والحجر نبكي على أمجادها الغابرة …" (مذكرة ص 7). وهو ما يعني عمليا أنه من العيب والعار أن نترك أمرهذه المدارس.
يستهل " السيد الحافي" مذكرته بتذكير القارئ أنه:
• لم يسبق للأكاديمية الجهوية أن فوتت أية مؤسسة تعليمية لأية جهة كانت. لذلك نقول نحن فما الداعي إلى تفويتها الآن ما دامت الأكاديمية لم يسبق لها ذلك؟ هذا ما سنكشف عنه فيما سيأتي من المقال.
• ليس من حق الأكاديمية و أي قطاع آخر التصرف في الأملاك المخزنية وأن هذا القطاع هو الوحيد الذي لا حق له في البيع والكراء والشراء أوالتصرف في ممتلكات الدولة والتي تدخل المؤسسات التعليمية ضمنها.
"وارتفاعا للبس" يؤكد"الحافي" على أن "كل ما في الأمر أنه اتخذ قرار احداث صندوق جهوي يمول من طرف وزارة التربية الوطنية والولاية والمجالس المنتخبة (مجلس المدينة، جلس العمالة، مجلس الجهة) وشركة العمران والمنعشين العقاريين". أمر جيد أن تفكر الأكاديمية في احدات صندوق جهوي لتمويل التعليم شريطة:
• الإقرار بتخلي الدولة عن تمويل التعليم وأن تعلن عن ذلك أمام الملأ وعن فشلها الذريع في ضمان تعليم عمومي، مجاني وجيد للجميع.
• الإقرار بفشل السياسة التعليمية الليبرالية التي تهدف إلى جعل المدرسة مقاولة تستجيب لمصالح كمشة من البرجوازية المتعفنة.
إننا لا نحتاج إلى إقرار أن سياسة الدولة في التعليم سياسة فاشلة تهدف بالأساس إلى إقصاء ملايين المواطنين عن حقهم في التمدرس عبر ضرب مبدأ المجانية الذي يعتبر أهم المكاسب التي ناضل عليها الشعب المغربي لعقود من الزمن، وسياسة تهدف إلى تبضيع التعليم عبر جعله مجال للاستثمار وذر الأرباح الخيالية. ما الفرق إذن بين إحداث صندوق يمول التعليم بالجهة وبين بيع المؤسسات التعليمية؟ إن الأكاديمية الجهوية ـ في نظر الحافي ـ لا تفكر في البيع بل في إحداث صندوق تمويلي يعتمد كمورد على بيع المؤسسات. أليس هذا ضحك على الذقون ما بعده ضحك؟ ما الذي يريد "الحافي" أن يطمسه؟ في الحقيقة ومن خلال هذه التوضيحات، يتأكد بجلاء عزم الأكاديمية على بيع المؤسسات.

تخلي الدولة عن تمويل التعليم:
إن التفكير في إحدات صندوق جهوي للتمويل يندرج ضمن مخططات "الميثاق" الذي يقر في البند الخاص بالتمويل، بعجز الدولة عن تأمين التعليم العمومي لساكنتها والذي يلقي عبئا إضافيا على المواطنين عبر زيادة ّفاتورة المدرسة"ّ على الفواتير الأخرى.
ولا ريب في أن هذا الإجراء ليس بجديد، بل يدخل ضمن بنود برنامج التقويم الهيكلي الذي يلزم الدولة بالتخلي المباشر عن دعم السياسات الاجتماعية وتخفيض مساهمة الدولة في توفير الخدمات الاجتماعية وإلقاء العبء على السكان كما هو حاصل في قطاعات عدة: الماء، الكهرباء، التطهير، الصحة …
يؤكد "الحافي": "أن من موارد الصندوق الموارد التي يمكن أن تجنى من بيع بعض المؤسسات التعليمية الابتدائية"، لذلك فالصندوق حسب المذكرة يعول على بيع المدارس التعليمية وهي مبرمجة في مشروع إحداث الصندوق (هذا إن كان هناك مشروع متكامل إن لم تكن الفكرة مجرد أضغاث أحلام أحد عباقرة الباطرونا البيضاوية). والمذكرة لا تتحدث عن الموارد الأخرى وعن طريقة استخلاصها لأن وراء الأكمة ما ورائها، فأمر تحويله ملقى على عاتق المواطنين البيضاويين الذين يؤدون الضرائب المباشرة وغير المباشرة رغما عنهم وبالقوة.

في مبررات دواعي البيع :
ويتابع الحافي قوله أن هذه المؤسسات تم الاستغناء عنها لقلة التلاميذ خاصة بنيابة أنفا، ومرس السلطان الفداء، نظرا لانخفاض النمو الديموغرافي، ونظرا " لهجرة السكان نحو الأحياء المحدثة في إطار السكن الاجتماعي".
إن من أهم المبررات التي يسردها أعلاه مبررات واهية ولا أساس لها من الصحة، فالمؤسسات التعليمية لم يتم الاستغناء عليها من طرف المواطنين بل الأكاديمية هي التي عملت من خلال سياسة ممنهجة (ولغاية في نفس يعقوب) على الاستغناء عنها ونمتلك من الحجج ما يكفي للتدليل عل ذلك:
- هناك مؤسسات تم إقصاؤها بشكل مدبر من حقها في الصيانة لسنوات عدة رغم مطالبة المسئولين عنها بالصيانة في كل مناسبة وفرصة متاحة، إلا أن سياسة الأكاديمية واضحة تماما.
- هناك مؤسسات (من ضمن المعنية بالمؤامرة) تم حذف مستويات الأول والثاني منها وتوجيه الوافدين الجدد إلى مؤسسات أخرى، بغرض أن تصبح بعد ثلاث سنوات خالية تماما.
- هناك آلاف الأسر التي تجبر بتسجيل أبناءها بمدارس أخرى بعيدة بدلا من مؤسسات بعينها.
- هناك مؤسسات تعليمية طاقتها الاستيعابية مضاعفة مرتين في حين مؤسسات قريبة تظل شبه فارغة. فقط لأن المؤامرة وضعتها نصب أعينها.
- لقد تم نقل مجموعة من المدارس الإبتدائية بأكملها (بتلامذتها ومدرائها وطاقمها التربوي والإداري) هذه السنة إلى مؤسسات أخرى. فلتتصوروا هول الكارثة: مدارس تختضن مدرستين أخريتين ويديرها ثلاثة مدراء، وبدون أي قرار إداري مكتوب يقضي بترحيل المدراء وتلامذتهم. لقد تم الترحيل بقرار شفوي تم على لسان النائب، ولازالت المدارس المعنية مدرجة في الخريطة المدرسية لهذه السنة، لذلك نتساءل: من له المصلحة في ذلك؟ واضح جدا أنه لوبي العقار الذي لا يجد من أرض للبيع والشراء غير مدرسة "اولاد الشعب". ومن أهم المدارس الابتدائية المعنية: مدرسة إبن عباد بنات ومدرسة الزيراوي اللتان نقلتا إلى ابن عباد بنين، والأمثلة يعيها الحافي وأذنابه جيدا.
إن مشاكل قطاع التعليم بالجهة تعد بالجملة ودون الخوض في كل الحيثيات سنركز أكثر على ما هو أهم:
يرى "السيد الحافي" أن المشكل الديموغرافي مبرر أساسي للتدليل على"مؤامرته" ونحن نعلم جيدا ما يحاك ضد البيضاويين بصدد العقار. فخدمة لمصالح كمشة صغيرة من البرجوازية المتعفنة تعمل السلطات الوصية على ترحيل أحياء بأكملها بمبررات واهية (السكن غير اللائق، تقادم البنايات، تأهيل المدينة...) وذلك بهدف إقامة بنايات للمضاربة العقارية، هذا ناهيك عن أن الشركات العقارية الكبرى (الشبح) التي تكوي الكادحين بنار السكن الاجتماعي (براريك القرن 21) مجبرة بقوة القانون على بناء المؤسسات التعليمية داخل هاته المركبات الإسمنتية إلى جانب مرافق عمومية (حدائق، إدارات، دور الثقافة...) ولكن واقع الأمر عكس ذلك فالشركات تعمل على نهب جيوب المواطنين دون أن توفر أي فضاء عمومي والسلطات الوصية والمعنية تقف إلى جانب ناهبي البلد.
يواصل توضيحاته ويؤكد في "ص 2" أنه بعد الحصول على الموافقة على أن عائدات بيع المؤسسات التعليمية العمومية سيمول بها الصندوق الجهوي "تكونت لجنة ضمت قطاعات متعددة ووضعت ملفا تقنيا لهذه العملية (المؤامرة) على أن تحدد مساطر البيع، مما يضمن للعملية المردودية والشفافية"، هكذا يتضح بجلاء أن المؤامرة في طريقها إلى التحقق، فما الذي يريد أن يوضحه الحافي؟ وما الذي يريد أن ينكره؟ إن الموافقة يعني عمليا اقرار بالبيع بل أكثر من ذلك تشكلت لجنة حسب المذكرة وضعت ملفا تقنيا لعملية البيع، لما لا والحافي يؤكد للصحافة أن عملية البيع سيجني منها ما معدله 350 مليون درهم (جريدة الصباحية بتاريخ 25 اكتوبر 07). لذلك لانجد تناقضا بين الدعوة الى تشكيل صندوق يمول التعليم بالجهة وبين بيع المؤسسات التعليمية العمومية، ما دامت عملية البيع تشكل موردا هاما من موارد الصندوق هاته الأخيرة التي لاتفصل فيها المذكرة حيث اكتفت فقط باعلان موارد البيع ولربما ستشكل هذه الموارد حصة وزارة التربية الوطنية، كما يمكن أن تشكل موارد بيع بعض الفضاءات العمومية حصة مجلس المدينة أو الجهة أو العمالة ...
بعد هاته التوضيحات الأولية التي لانجدها توضيحات قدر ما هي تأكيد للمؤامرة. يعمل الحافي على اطلاعنا بمخططه الثلاثي الذي "وضعه للنهوض بأوضاع قطاع التربية الوطنية بالبيضاء" هذا القطاع الذي يتخبط في مشاكل لاحصر لها يوما عن يوم. وقد خصص في مذكرته خمس صفحات لاعلان هذا المخطط الذي يستجيب لمتطلبات "الميثاق الوطني للتربية والتكوين"، واذا لم يضع المخطط نصب أعينه توجيهات "الميثاق" فسيكون مرفوضا من قبل الدوائر العليا، ان "الميثاق" هو الأرضية العامة التي تنطلق منه كل الاجابات، انه "خاتم سليمان الحكيم" فبفضله بلغنا تعميما شاملا للتمدرس، الى درجة أننا لم نعد بحاجة الى البنايات المدرسية كما بلغنا تغطية مطلقة للموارد البشرية الى درجة أننا لم نعد بحاجة الى الشغيلة التعليمية ووضعناها نصب أعين التعليم الخصوصي ...
فالمخطط الذي يعلنه الحافي يحدد أهدافه في :

- مواكبة حركية السكان وتخفيض معدلات التلاميذ بالقسم الى 30 تلميذ: هذا معناه أن معدل التلاميذ بالقسم يتجاوز 30 تلميذ ان السيد الحافي لاينكر ذلك بل يقول في "ص 3" أن هناك بعض الأقسام تفوق معدلات تلاميذتها 40 تلميذ في القسم، لا أن يجادل في أن معدل القسم أكثر بكثير من ذلك ويتعاضم ذلك المعدل كلما اتجهنا نحو العالم القروي، فهل نحن بحاجة الى هاته المؤسسات الآن؟ في مخططه الثلاثس يعلن "الحافي" أن حجم الأقسام المكتضة في الإعدادي بلغت 1292 (منها 1001 من الأقسام التي تضم ما بين 41 و 44 تلميذ، و 228 قسم تضم ما بين 45 و 50 تلميذ) وتحتل منها نيابة الحي الحسني لوحدها 74 % متبوعة بحي مولاي رشيد بنسبة 51.45 % وبالبرنوصي بنسبة 50.51 %). وبالنسبة للثانوي التأهيلي فحجم الاكتظاظ بالجهة يبلغ 1029 قسم (منها 690 قسم يضم ما بين 41 و 44 تلميذ و323 قسم يضم ما بين 45 و 50 تلميذ و 16 قسم يتجاوز عدد التلاميذ بها 50 تلميذ). إن الأرقام أعلاه بالرغم من أنها تبدو واقعية يمكن أن تكون أكثر بكثير، فالواقع التعليمي بالجهة غارق حتى الأذنين في المشاكل، والمسؤلون يتعاملون مع القطاع بنوع من الاستخفاف. فميزانية الجهة التي تضم أكبر عدد من المتمدرسين والمدرسين وأقل من البنايات ميزانية تقل أو تتقارب مع ميزانية جهات لا يمكن بأي حال مقارنتها بالدار البيضاء.

- تعميم التعليم الأولي بالنسبة للأطفال 4 و 5 سنوات: هذا النوع من التعليم الأولي الذي تخلت عنه الدولة كليا لفائدة الخواص وهو ما أدى الى اقصاء مئات ألاف الأطفال الذين لايجدون سبيلا الى هذا النوع من التعليم، وتقدم المؤسسات الخاصة التعليم الأولي بأثمنة ليست حتى في متناول الموظفين وما بالك بالأسر ذات الدخل المحدود جدا والأسر التي تعيش تحت عتبة الفقر . ان الأكاديمية تقر بذلك انها لاتستطيع أن تحقق التعميم وهو ما رسمه الميثاق منذ 7 سنوات خلت، فهل نحن الآن بحاجة الى هاته المؤسسات.

- الرفع من عدد المستفيدين من محاربة الأمية: ان برنامج محاربة الأمية يستدعي أكثر من تساؤل: من الذي جعل هؤلاء أميين؟ لاشيء غير سياسة الدولة في التعليم. فقد أعلن الوزير الجديد احمد اخشيشن أن مجموع التلاميذ المنقطعين عن الدراسة بالمغرب برسم موسم 2005 – 2006 يقدر ب 400 ألف تلميذ (تصريح الوزير أمام لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب أنظر جريدة المساء ليوم 28 نونبر 07). يؤكد مخطط الأكاديمية (في ص 25 ) أن الأهداف المرسومة بصدد محاربة الأمية هو تقليص النسبة العامة للأمية إلى أقل من 20 % في أفق سنة 2010، إلى القضاء التام عليها سنة 2015، وذلك بتسجيل 100 ألف مستفيد سنويا، واضح جدا حجم الأمية بالجهة. فمن الذي جعل كل هؤلاء خارج المدرسة؟

- الرفع من أعداد التلاميذ المستفيدين من التربية غير النظامية: من الذي جعل هؤلاء التلاميذ خارج المدرسة؟ لاشيئ غير سياسة الدولة، فتوجيه التلاميذ الى مدرسة أخرى بعيدة لافراغ المؤسسة القريبة بهدف بيعها هو سبب من أسباب انقطاع الدراسة وعدم استكمالها. فالمخطط أقر باستقبال 6000 مستفيد سنويا في أفق 2010 بالنسبة للفئة العمرية ما بين 9 سنوات و15 سنة، دون الحديث عن الفئة العمرية ما بين 15 و 22 سنة التي يرتفع فيها نسبة الهدر المدرسي أكثر فأكثر نتيجة السياسة التعليمية التصفوية المتبعة.

- تأهيل المؤسسات القائمة واصلاح مرافقها: ان واقع مرافق المؤسسات التعليمية واقع لايطاق، يكفي أن نتذكر كمثال الصور الدائعة الصيت في الشبكة العنكبوتية لثانوية محمد 5 بمراكش، هذا ناهيك عن كون هذه المرافق في العديد من المؤسسات يتقاسمها تلاميذ التعليم العمومي والتعليم الخاص في اطار شراكات، لأن هده الأخيرة لاحاجة له الى مزيد من المصاريف لبناء مرافق خاصة به، ما دامت المدرسة العمومية تفتح بابها شرعا بفضل فقهاءالأكاديمية. السيد الحافي يتحدت عن التأهيل، فأي تأهيل يقصد؟ أي تأهيل لمؤسسات تحتضن طاقتها الاستيعابية مضاعف مرتين؟

- تجديد أثاث المؤسسات واغناء رصيدها بالوسائل الديداكتيكية: أما واقع التعليم المأزوم يستحيل الحديث عن أي دعم ديداكتيكي، فالاكتظاظ عائق كبير أمام أي وسيلة ديداكتيكية، الا أنه حلم غير واقعي بالنظر الى غياب الحدود الدنيا والوسائل البدائية في العمل (مؤسسات تفتقر الى سبورات وكراسي).
أمام واقع التعليم هذا بكل مشاكله يؤكد "الحافي" أن هناك مؤسسات ابتدائية تغلق سنويا وأخرى تدعو الحاجة الى احداتها (...) والكثير من المؤسسات تناقصت الأعداد بها بحيث أصبح الابقاء عليها عبئا. ان العبث بعينه هو "السيد الحافي" الذي لايفكر الا في مصلحة الرأسماليين ولوبيات العقار، ضاربا بعرض الحائط حق المواطنين في التمدرس العمومي والمجاني، ان المؤسسات التي يتحدث عنها الحافي، لاتغلق سنويا بل يتم اغلاقها بسياسة ممنهجة والأعداد لم تتناقص بل يتم اجبار الأسر على ذلك فهناك مركبات سكنية تضم الاف الأسر، ولا تتوفر على على مدرسة عمومية، أتعتقدون أن الأسر تنتظر بناء مؤسسات عمومية في ظل هذا الوضع الذي يفكر فيه الحافي ببيع البعض منها؟ ان الأسر تجبر على تسجيل فلذات كبدها بالمؤسسات الخاصة، ويكفي زيارة المركبات السكنية التي أحدتث مند بداية تطبيق الميثاق (2000) الى حدود الأن لمعرفة حقيقة المؤامرة.
بعد تحديد الأهداف يتحدث الحافي عن وضعية "التربية والتكوين" بالجهة، كوضعية مستفحلة ولا تطاق فالاقبال متزايد عن المدرسة العمومية والأكاديمية تصر على الاجهاز عليها وعلى تدميرها حيث يؤكد أن نسبة الاقبال متزايدة في التعليم الابتدائي مثلا ب 15 % في النواصر و8 % بمديونة و7 % بدوار السكويلة وأهل الغلام و5 % بالحي الحسني، في جميع الحالات التزايد ملموس وهو ما يكذب وصلة "اقبال البيضاويين عن التعليم الخاص". وفي الاعدادي يؤكد أن معدل التلاميذ بالقيم يتراوح بين 40 و45 % بالرغم من أن الأحداثات السنوية فاقت 7 اعداديات جديدة هذه السنة الى جانب تحويل ابتدائيتين وتوسيع مؤسسات أي اضافة 163 حجرة جديدة هذه السنة أما في الثانوي فنسبة الزيادة وصلت الى 11 "هذه السنة مقارنة مع السنة الماضية بالرغم من زيادة 46 حجرة جديدة.
ان لغة الأرقام لاتتجه الى تبرير (مؤامرة) البيع، بل على العكس من ذلك تكذبها، وتكشف عن جوهر السياسة الحكومية في التعليم التي تتجه نحو محو أثار المدرسة العمومية، كما تكذب أوهام الميثاق، فهذا التزايد يعود حسب "الحافي" (ص4): "الى تعميم التعليم الابتدائي وتجاوز النسب المحددة في الميثاق الوطني للتربية والتكوين". يؤكد هذا القول بجلاء فشل الميثاق، فبالأمس القريب كنا نسمع خطابات رنانة ومنمقة حول الميثاق، وها نحن الآن نسمع بخطاب مغاير حول نفس السياسة، ألم يعد الميثاق مرتكزا اصلاحا عليه اجماع وطني؟

في الانتقال من الدفاع عن "الميثاق" الى نقد "الميثاق":
علينا أن نكون حذرين تجاه الخطاب الرسمي بصدد سياسة التعليم، فبعد أن فشل الميثاق في اصلاح القطاع يتم تحوير النقاش في اتجاه الدعوة الى ضرورة اصلاح جديد. ففي كتاب "المغرب التربوي: قضايا ووجوه" يؤكد حبيب المالكي على أنه مع الميثاق "انتقلنا من خطاب الأزمة الى خطاب الاصلاح"[1]، لكن مع ذهاب المالكي الذي نفذ جل خطط الرأسماليين في التعليم، سيظهر خطاب جديد، لاشك فيه أنه سيعود الى خطاب الأزمة، ففي تصريحه الحكومي دعا الوزير الأول (الفاسي) الى "إنجاز تقويم لحصيلة عشرية اصلاح نظام التربية والتكوين، لتوفير المعطيات التي تساعد على بلورة معالم استراتيجية وطنية لتطوير منظومة التربية والتكوين، في ضوء الحاجات الجديدة التي ستفرضها متطلبات التنمية الشاملة" (خطاب الفاسي أمام مجلس النواب لتقديم البرنامج الحكومي يوم الأربعاء 24 أكتوبر 07). وهذا الخطاب المرتقب يؤسس له الفاسي في تصريحه الحكومي حيث يقول: " ولايخفى عنا ما ثم الوقوف عليه من صعوبات حالت دون التفعيل الأمثل لبعض بنود الميثاق الوطني للتربية والتكوين"، ونتج عنها تأخر في تحقيق بعض الأهداف المسطرة له خاصة وأن عشرية الاصلاح المالي، وهي تقترب عن نهايتها المحددة، تدعونا الى استشراف زمن ما بعد الاصلاح وتحديد أفقه وصيانة توجهاته وغاياته"، من الأكيد أن سياسة الدولة واضحة تماما ومنسجمة في خطابها وممارستها لأنها توجه بأيادي خفية تعي جيدا ما تهدف اليه وتنظم تدخلها بدقة.
يمكن الحديث عن هذا الانتقال منذ عرض المالكي أمام المجلس الأعلى للتعليم (الرباط 16 – 07 - 2007) والذي يعرض فيه (في الباب الرابع: مكامن القوة الدافعة لمسلسل الاصلاح ومواطن الضعف) ما يؤثر على فشل سياسة الميثاق حيث ان الهدر المدرسي "ما زالت نسبته مرتفعة رغم المجهودات المبذولة" والذي يتطلب بلغته "مقاربات جديدة" الى جانب "تعميم التمدرس" ويلخص قوله في هذا الباب: ان كثيرا من المشاكل، التي عانت منها المنظومة التربوية في السابق ولا زالت تعاني منها، ترجع الى: البنيات التحتية التربوية، وضعف تجهيزاتها، وانعدام صيانتها... ويواصل في عرضه: "ومجمل القول، فان المنظومة التربوية قد استنفدت خلال سنوات الاصلاح، كل امكانيتها الذاتية المتاحة" وهو ما يتطلب "موارد اضافية توفر البنى التحتية والجوانب اللوجيستيكية والموارد البشرية الضرو رية" انه اقرار بواقع مأزوم حتى في ظل الاصلاح، فالعديد من المشاكل العالقة قبل الاصلاح لازالت عالقة، والبنى التحتية تحتاج الى دعم، ألا يكفي هذا لنقول "للحافي" ما مبرر مؤامرتك؟ فكل المؤشرات والتوقعات الرسمية تذهب الى الاقرار بضعف البنية التحتية.

في الحاجة الى بنيات جديدة:
اننا في امس الحاجة الى هاته المؤسسات التي تعتزم الأكاديمية بيعها. وبهذا يمكن أن نلخص غيرتنا على المدرسة العمومية ودفاعنا المبدئي عنها كمدرسة لايحق "للحافي" وأمثاله تحديد الحاجة اليها من عدمه. هو الذي يعي جيدا أن الخصاص في البنية التحتية أمر واقع، ففي مذكرته يعرض حجم البنايات التي ينبغي توفيرها، وبلغة الرقام نرد عليه:
يرى السيد "الحافي" أن حجم ما ينبغي احداثه من مؤسسات جديدة يتمثل في 53 مؤسسة تعليمية عمومية في الثلاث سنوات المقبلة (جوهر المخطط الثلاتي/المذكرة ص 14) أي ما يعادل 854 حجرة دراسية وهو ما يكلف بلغة الحافي 30 مليار و 850 مليون سنتيم* دون احتساب قيمة الأراضي (تحتاج كل مؤسسة على حد تعبيره الى 5000 متر مربع وفي المجموع 265000 متر مربع)، فأين للأكاديمية من كل هذا؟ هل تكفي عائدات بيع المؤسسات التعليمية لتغطية مصاريف بناء مؤسسات جديدة؟ هل يمكن لبيع تسع مؤسسات أن يغطي بناء 53 مؤسسة تعليمية؟ إذا كان الأمر كذلك فيمكن بيع كل البنية التحتية الموجودة حاليا لمضاعفة حجم البنية مرتين؟
يرى الحافي أن المناطق ذات الاستقطاب تحتاج إلى بناء مدارس جديدة، وفي نخططه يحدد بدقة الأرقام المطلوبة ويكفي أن نضرب مثلا من عشرات الأمثلة لنكذب أقاويل المخطط:
في الحي الحسني وحده يبلغ عدد الأقسام المكتضة في التعليم الثانوي التأهيلي 176 قسم والمخطط لا يبرمج إلا بناء ثانوية جديدة واحدة بمنطقة ليساسفة كثانوية تقنية، وهو ما يعني عمليا أن الاكتضاض الذي يهدف المخطط إلى القضاء عليه سيظل على حاله لأن هاته الثانوية تقنية وستستقبل التلاميذ الذين يختارون تلك الشعبة، وبالنسبة لحي مولاي رشيد المتبوع بالحي الحسني من حيث الاكتظاظ يقترح المخطط بناء ثانويتين (الأولى البراق والثانية البورنازيل)، فعلى من يضحك السيد الحافي؟
إن المقاومة هي الرد المباشر عن الهجوم العام البرجوازي على التعليم العمومي، فلنقف جميعا ضد زحف الرأسمال على ما تبقى من مكتسبات الشعب المغربي التاريخية. وليكن شعارنا:

مدرسة عمومية جيدة ومجانية للجميع ممكنة.
العلوي رشيد
دجنبر 2007
________________________________________
[1] - "المغرب التوبوي: قضايا ووجوه"، حبيب المالكي، الطبعة الأولى أبريل 2007، النجاح الجديدة، الدار البيضاء، ص 59.